اشترط كثير من العلماء أن يكون التيمم بتراب له غبار يعلق باليد، ومنعوا التيمم بالرمل ونحوه مما لا غبار له، وألزموا المسافر أن يحمل معه التراب إذا سافر في أرض رملية، ولعل الصحيح جواز التيمم بالرمل؛ لعموم قوله صلى الله عليه وسلم: "جعلت لي الأرض مسجدا وطهورا" متفق عليه. من كان مسافرا ولم يصل المغرب والعشاء فأدرك العشاء خلف إمام مقيم فالمختار أنه يصلي المغرب وحده، فإذا صلاها دخل معه في بقية العشاء، وذلك لاختلاف النية؛ فإن المغرب والعشاء متفاوتان بينهما فرق في عدد الركعات. هذا الذي نختاره. وأجاز بعض المشائخ أنه يدخل معهم بنية المغرب، فإذا صلوا ثلاثا فارقهم وتشهد لنفسه وسلم، ثم صلى العشاء، ولكل اجتهاده إن المؤمن بربه يرضى بالقضاء والقدر، ويعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه، ويعلم أن في الابتلاء والامتحان خيرا كثيرا وأجرا كبيرا، وأن المصائب والنكبات يخفف الله بها من الخطايا، فيستحضر قول النبي صلى الله عليه وسلم: "ما أصاب العبد المسلم من نصب ولا وصب ولا هم ولا حزن ولا أذى ولا غم، حتى الشوكة يشاكها، إلا كفر الله بها من خطاياه" متفق عليه عيادة المريض سنة مؤكدة، وقد رأى بعض العلماء وجوبها. قال البخاري في صحيحه: باب وجوب عيادة المريض. ولكن الجمهور على أنها مندوبة أو فرض على الكفاية، وقد ورد في فضلها قول النبي صلى الله عليه وسلم: "إن المسلم إذا عاد أخاه المسلم لم يزل في خرفة الجنة حتى يرجع" رواه مسلم. (الخرفة: اجتناء ثمر الجنة) إن الغذاء الطيب من مكسب حلال يكسب القلب قوة، ويكسبه صفاء وإخلاصا، ويكون سببا في قبول الأعمال وإجابة الدعوات. والغذاء الطيب يكون سببا في بركة الله ومباركته للأعمال والأعمار والأموال، وأثر ذلك واضح، فقد ثبت عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: (كل لحم نبت على سحت فالنار أولى به)
حقيقة الالتزام
19058 مشاهدة
المقدمة

  إن الحمد لله نحمده ونشكره ونثني عليه ونستغفره، ونشهد أن لا إله إلا الله وهو ربنا عليه توكلنا وإليه ننيب، ونحمده سبحانه أن هدانا للإسلام وما كنا لنهتدي لو لا أن هدانا الله.
أما بعد :
فإننا نشاهد اليوم هذا الإقبال الكبير من شبابنا على دين الله وعلى طاعته، وتطبيق شرعه واتباع سنة نبيه صلى الله عليه وسلم ، وعلينا أن نتفاءل بهذا الإقبال، فهناك الإقبال على طلب العلم، والإقبال على تطبيق السنة النبوية والإقبال على تطبيق الشريعة في كل شؤون الحياة.
ولا شك أن هذا الإقبال يذكرنا بقول النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الذي رواه علي بن يزيد عن القاسم عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:   إن لهذا الدين إقبالًا وإدبارًا، وإن من إقباله أن تفقه القبيلة بأسرها، فلا يبقى فيها إلا الفاسق والفاسقان، فهما ذليلان فيها، إن تكلما قهرا واضطهدا، وإن من إدبار هذا الدين أن تجفو القبيلة بأسرها، فلا يبقى فيها إلا الفقيه والفقيهان فهما ذليلان ، إن تكلما قهرا واضطهدا .
وعلي بن يزيد ضعيف ولعل الحديث موقوف.
 لقد كنا قبل ثلاثين أو أربعين سنة نكاد أن نيأس ونقطع الرجاء لما نراه من الأسباب التي تبعد عن الإسلام وعن الدين، ولما نراه من الجفوة والإدبار والسخرية والاستهزاء حتى في المتعلمين والمتفقهين ، ولكن والحمد لله اليوم نرى إقبال الشباب على التمسك وعلى الالتزام بالشرع وعلى الاستقامة عليه.
 لقد حصل من هذا الالتزام وهذه الاستقامة أثر بليغ؛ ألا وهو هذه الصحوة الإسلامية التي انتشرت في جميع أرجاء المعمورة، فما هذه الصحوة إلا نتيجة من نتائج الإقبال على هذا الدين وتطبيق الشرع والتمسك به والاستقامة عليه.
وفي هذه الرسالة الصغيرة نتحدث عن الالتزام وحقيقته وأدلته من الكتاب والسنة ، ثم الحديث عن أحوال الملتزم وصفاته.
 نسأل الله أن يمنَّ علينا بطاعته، وأن يقبل بقلوبنا على محبته وطاعته وعبادته ، ونسأله أن يعيننا على ذكره وشكره وحسن عبادته ، وأن يجعلنا من المتمسكين بشريعته، والذابين عن دينه والمجاهدين في سبيله ، والمبلغين لأمره وشرعه، ومن الآمرين بالمعروف والناهين عن المنكر ، والداعين إلى الله على بصيرة ، وأن يرزقنا الاتباع لسنة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم ، فإلى المقصود والله أعلم ، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.